الجودة في التعليم
عرف ” فيجنيوم” الجودة على انها تحديد احتياجات و متطلبات المستهلك ويشاركه في هذا التعريف الاقتصادي “جوران” الذي اكد على عنصر الملاءمة في الاستخدام و بهذا المعنى يتحدد مفهوم الجودة من خلال قدرة المنتج على القيام بالوظائف المطلوبة منه. غير ان مكون الجودة بابعاده المتنوعة ( الصلاحية , السمعة و جمال المنتج ) تجاوز في دلالاته النعنى الاقتصادي في بحثه عن اعلى مردودية بأقل تكلفة و الجودة المطلوبة ليشمل المنظومة التربوية . ذلك ان الجودة في التعليم كما تراه يونسكو ترتبط بالنمو المعرفي للمتعلم , لان التعليم الجيد يساهم في تحقيق منافع كثيرة للناس و يساعد الافراد على اتخاذ قرارات مدروسة. اما البنك الدولي فيرى ان التعليم الجيد يمكن المتعلم من اكتساب المهارات الاساسية و الكفايات التي تمكنه من المساهمة في اقتصاد السوق.
و على الصعيد الوطني اخدت الجودة بعدا ينسجم مع التوجهات التي اوردتها دعامات الميثاق الوطني للتربية و التكوين و يحترم الخصوصية المحلية و الوطنية . ذلك ان المرتكزات الثابتة كما وضعها الميثاق تؤكد على ادراج النظام التربوي في جيوبه نهضة البلاد الشاملة وحتى يتسنى لنظام التربية و التكوين انجاز وظيفته على الوجه الاكمل ينبغي ان يتوخى الفعالية و ذلك عبر تحقيق الجودة المطلوبة.
بالعودة لدعامات الميثاق الوطني يمكن الوقوف على المقاربة الشمولية التي اعتمدها الفاعلون في مجال التربية و التكوين وذلك من خلال المجالات التالية:
- تعميم تعليم جيد من خلال اعادة هيكلة اسلاك التعليم الاولي و الابتدائي و الاعدادي و الثانوي و العالي.
- محاربة الامية لتحسين مستوى الموارد البشرية و لتمكين البلاد من مواكبة تطور الوحدات الانتاجية.
- تحقيق تلاؤم اكبر بين النظام التربوي و المحيط الاقتصادي.
- انفتاح المؤسسة على محيطها الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي.
- العناية بالتكوين المستمر لرفع اداء المدرسين و تحقيق الكفايات المطلوبة.
- مراجعة البرامج و المناهج و الوسائط التعليمية .
- تحسين تدريس اللغة العربية و اتقان اللغات الاجنبية و الانفتاح على الامازيغية.
- تشجيع التفوق و التجديد و البحث العلمي.
- تحسين التدبير العام لنظام التربية و التكوين.
و اجمالا يمكن استحضار مبدأ الجودة من خلال التصور الذي وضعه الميثاق الوطني و توصيات منتديات الاصلاح في المكونات التالية:
- تحقيق الجودة على مستوى الادارة التربوية : يتغيأ هذا المبدأ زيادة اداء الاعمال بتخفيض التكاليف و عقلنة العمل الاداري و رفع الروح المعنوية للعاملين في الادارة و خلق احساس عندهم بالمشاركة في اتخاذ القرارات لزيادة قدرتهم على اتخاذ حلول ملائمة للمشكلات.
- جودة التدريس القائمة على اساس اشراك المتعلمين في التخطيط لموضوع الدرس و ذلك باعتماد طرق التنشيط التي تنقل المتعلم من متلقي الى شريك وترقى بالمدرس من سلطوي الى مالك للمعرفة الى موجه و مرشد , وهذه النظرية الحديثة المبنية على التشارك وحدها كفيلة بتحقيق الجودة المطلوبة و القادرة على بناء شخصية المتعلم القادر على انتاج المعرفة و حل المشكلات بفضل قدراته الذاتية. و هذا الخط التطوري في مجال التربية و التكوين يساهم في ضبطه مدخل الكفايات القائم على خلفية نظرية تغديها البيداغوجية الفارقية و التي من شانها تمكين المدرس من احترام خصوصية المتعلمين و الفروق الفردية بينهم و تمكن من اعتماد طرق تنشيط قادرة على اقصاء الدور المتسلط للأستاذ و استحضار حق المتعلم في التعبير عن الذات , و بهذه الصيغة فقط يمكن تحديد الجودة المنشودة و التحول الى ثقافة الاتقان و ثقافة الجودة.
- تعزيز جودة المدرسة المتجددة و المنفتحة على محيطها , مدرسة قادرة على اشراك الاطراف الفاعلة في فضائها الداخلي ( استاذ ادارة تربوية تلاميذ ) غير ان الجودة المطلوبة لن تستقيم الا من خلال المداخل التالية :
- تفعيل دور المجالس التابعة للمؤسسة لاغناء فضائها الداخلي بأنشطة محفزة تجنب المتعلم الروتين اليومي و تحفزه على العمل.
- اشراك المتعلمين في الانشطة المنجزة باعتبارهم المستهدف الرئيسي و تحفيزهم على العمل الجماعي التعاوني.
- انفتاح المؤسسة على التكنولوجيات الحديثة و ذلك بتزويدها بأدوات سمعية بصرية و ربطها بشبكة الانترنيت لتمكين المتعلم من مصادر المعرفة.
وإجمالا اذا كان مؤشر الجودة يكمن في قدرة المنظومة التربوية على تحقيق الغايات الكبرى فان بلوغ هذه الاهداف يتطلب تعبئة لضمان اجرأة دقيقة لدعامات الميثاق الوطني للتربية و التكوين.
مدير موقع تربية الاجيال